ياسين الغُماري هو روائي وأديب تونسي وُلد في سوسة في 22 فبراير 1995. يُعتبر أحد الأسماء الشبابيّة الصاعدة في المشهد الأدبي العربي. بجانب عمله الروائي، يكتب الغُماري المقالات السياسية ويُشارك بنشاط في الشأن الثقافي. يحمل عضوية في المؤسّسة التونسيّة لحقوق المؤلّف والحقوق المجاورة التابعة لوزارة الثقافة التونسية، كما أنه عضو في المجمع الدولي للأدباء والمثقفين العرب.
ياسين الغُماري والتكوين الأكاديمي :
حصل الغُماري على بكالوريا في العلوم التجريبية عام 2014، ثم أكمل الإجازة الأساسية في المالية باللغة الفرنسية بين 2016 و2019. استمر في تطوير مسيرته الأكاديمية بحصوله على ماجستير في التحليل المالي باللغة الإنجليزية من 2019 إلى 2021. وفي 2023، بدأ برنامج ماجستير بناء مشترك في إدارة المخاطر المالية باللغة الفرنسية ونالت رسالة الماجستير على ملاحظة حسن جدًّا. تركّزت أبحاثه الأكاديمية على الاقتصاد والتنمية المستدامة، وهو ما تجلّى في بحثه الخاص برسالة الماجستير عام 2021 وسيرته الروائية زمن التعب المزمن.
ياسين الغُماري والأعمال الأدبية :
للغُماري عدة إصدارات أدبية، حيث استطاع بأسلوبه المميز وأفكاره الجريئة جذب اهتمام النقاد. من أبرز أعماله:
- زمن التعب المزمن: سيرة روائية صدرت عن دار الدراويش للنشر والترجمة بألمانيا.
- الساعاتي "صانع الزمن": رواية صدرت عن دار الدراويش للنشر والترجمة ببلغاريا.
- خديعة الخديعة: رواية صدرت عن دار الدراويش للنشر والترجمة ببلغاريا.
- بنات النفس: رواية نشرتها مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع بالعراق
- مقتل الأمير الصغير: سيرة ذاتيّة غير منشورة.
ياسين الغُماري والنقد الأدبي :
لأعمال الغُماري صدى واسع بين النقاد العرب، حيث تناولتها أقلام متعددة من دول عربية مختلفة وأشادوا بأسلوبه وفكره. كتب عنه:
- د.عقيل هاشم (العراق)
- كرم الصباغ (مصر)
- طالب عمران المعموري (العراق)
- أحمد العربي (سوريا)
- مؤيّد عليوي (العراق)
- د.طالب هاشم بدن (العراق)
- د.أسامة المهدي (السعودية)
-د.عبد الله العرفج (السعوديّة)
ياسين الغُماري والتكريمات :
تم تكريم ياسين الغُماري من قِبل الاتحاد الدولي للبنوك بمدينة مساكن في تونس عام 2024، تقديرًا لجهوده في مجال العمل المصرفي.
ياسين الغُماري والصراعات الأدبية :
لقد تميزت المسيرة الأدبية لياسين الغماري بصراعات حادة داخل الأوساط الثقافية في تونس. ومن أبرز هذه النزاعات كان خلافه مع الكاتب التونسي كمال الرياحي، الذي زُعم أنه سحب أربعة من أعماله الأدبية من دور النشر بهدف تكليف نقاد لكتابة مراجعات سلبية عن الرواية الأولى لياسين الغماري "الساعاتي: صانع الزمن"، التي لم تُنشر من قبل دار النشر الفلسطينية مكتبة "كل شيء" لصاحبها صالح عباسي. واتهم كمال الرياحي بتدبير مؤامرة أوسع نطاقاً لتعطيل التقدم الأدبي لياسين الغماري.
بالإضافة إلى ذلك، تعرض ياسين الغماري للمضايقات بسبب رواياته التي تعكس دفاعه عن العدالة الاجتماعية والمناخية. وواجه أيضًا ضغوطًا سياسية في تونس، حيث سعت بعض الفصائل، حسبما زُعم، إلى خلق تحديات شخصية ومهنية وعائلية له. فقد حُرم من جميع الامتيازات الأدبية التي كان من الممكن أن يتمتع بها. وقد جعلته أفكاره المستنيرة والليبرالية يبدو كتهديد للبيئة الثقافية التونسية.
قام عدد من الكتّاب التونسيين بإرسال روايات ياسين الغماري غير المنشورة إلى الكليات التي درس بها، بهدف معرفة كيف تمكن من تحقيق هذا الإنتاج الأدبي خلال فترة زمنية قصيرة أثناء دراسته. كما سعى هؤلاء الكتّاب إلى إثارة الجدل حول تناقض مسيرته الأكاديمية في العلوم مع ممارسته للأدب، معتبرين أن هذا يتعارض مع المنطق التونسي الذي يدعو إلى التركيز على مجال واحد وهو مجال الدراسة. بالإضافة إلى ذلك، حاولوا إقناع أساتذته الجامعيين بالتأثير عليه لثنيه عن نشر رواياته، نظراً لمحتواها النقدي الجريء تجاه الواقع التونسي، ولتعارضها مع القيم التقليدية التونسيّة التي تدعو إلى التحفظ.
انفتحت آفاق واسعة للنشر العالمي أمام ياسين الغماري، حيث صيغت أعماله بتقنيات دولية وأسلوب شعري مميز. ومع ذلك، فإن كمال الرياحي عمل على تقويض مسيرة ياسين الغماري الأدبية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تم تعمد إبقاء ياسين في الظل فيما يتعلق بفرصة نشر في هولندا ومنحة كان من المفترض أن يتلقاها نظراً لحجم أعماله المميزة التي أنتجها في فترة زمنية قصيرة.
أثارت سيرة ياسين الغماري "زمن التعب المزمن" جدلاً واسعًا، إذ تميزت بجرأتها وعمقها. تعكس الرواية تجربة شخصية عاشها ياسين الغماري، عندما كان يعمل في بنك يملكه رجل الأعمال التونسي مروان المبروك، صهر الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. من خلال هذه التجربة، حاول ياسين الغماري إدخال مفهوم المسؤوليّة الاجتماعيّة للشركات والتنمية المستدامة في نظام مصرفي كان يمارس شتى أنواع العبودية والغسيل الاجتماعي والغسيل الاجتماعي، غير أن جهوده باءت بالفشل. أقدم كاتب تونسي على إرسال سيرته الروائية غير المنشورة إلى البنك بهدف إحداث مشكلات حول "ياسين الغماري" ونسف إمكانية نشرها، رغم أن ياسين الغماري لم يذكر اسم البنك بشكل مباشر، إلا أن هناك اتهامات تشير إلى أنه تم تسريب اسم البنك من قبل كلية تونسيّة درس فيها. وقد أثار الكتاب حفيظة وحنق البنك، لتكشف صفحاته عن أبعاد معقدة من الواقع الاقتصادي والاجتماعي التونسي الذي يرأسه أبناء الاقتصاد المظلم مثل مروان المبروك
تدخلت الناشطة التونسية في منظمة حقوق الإنسان بأبوظبي، سندس بن عمّار، بعد الاعتداءات العنيفة التي تعرض لها ياسين الغماري. وتمكنت من استعادة جواز سفره المسلوب. كما تواصلت سفارة هولندا مع السلطات المعنية بعد إبلاغها من قبل شخصية بارزة بالوضع. وعلى الرغم من هذه الجهود، فقد أخفق المناخ السياسي القمعي في إتاحة أي فرصة للمساعدة.
غُمِرَ ياسين الغماري في حالة من الاكتئاب العميق، مشاهدًا جهود سنوات طويلة تتداعى أمام عينيه. كانت حياته في تونس سلسلة من المآسي المتواصلة. عانى ياسين الغماري من فقدان عميق للرغبة في الحياة والاستمرارية، حيث فقد شغفه وأحلامه، وأقدم على عملية انتحار تناول في خضمها 28 حبة ستيلنوكس ولزم قسم الانعاش بعد أن تلقى تهديدات عديدة بالتصفية. قرّر أن يُنهي حياته بنفسه قبل أن ينهونها له، مما أدى به الحال فيما بعد إلى الانسحاب من جميع أنشطة الحياة لمدة عام كامل. ومع ذلك، لم تمنعه المعاناة التي عاشها من نشر أعماله في مختلف أرجاء أوروبا، في ألمانيا وبلغاريا، ومؤخراً في العراق، مما أثار ضجة ثقافية في العالم العربي.
ياسين الغُماري والدعم الأدبي :
على الرغم من تلك الضغوط، تلقى ياسين الغماري دعمًا من شخصيات بارزة في العالم الأدبي العربي، من بينها الكاتبة الجزائرية الشهيرك وسفيرة السلام سابقا في اليونسكو، أحلام مستغانمي، التي دافعت عنه في مواجهة المضايقات والنقد والضغط من عدد كبير من الكتاب التونسيين. سعت أحلام مستغانمي إلى احتضان ياسين أدبيًا وإحضاره إلى بيروت، لبنان. وقد تواصلت مع مجموعة من الكتّاب البارزين بعائلته بشكل غير مباشر، والذين لم يكونوا على دراية بموهبته الأدبية. فقد أخفى ياسين شغفه بالكتابة عنهم، إذ كانت الأدب في نظر أسرته مجالًا محصورًا بالفتيات فقط. لذا، صدمت عائلته حين اكتشفت الحقيقة، وعارضت بشدة اختياره، محاولين إخفاء الحقائق عنه. ومع ذلك، اكتشف ياسين ما قاموا به، مما تركه غارقًا في مشاعر الخيانة والدهشة. تعكس هذه الصراعات التحديات العميقة داخل الساحة الثقافية التونسية حول حرية الإبداع الشبابي وتأثيراتها السياسية والشخصية على التعبير الأدبي